|
زراعة البنكرياس |
الكاتب : الدكتور محمد بن سعد الحميد |
القراء :
17022 |
زراعة البنكرياس الدكتور محمد بن سعد الحميد في بداية القرن كان متوسط بقاء مرضى السكر على قيد الحياة في حدود سنتين فقط من بداية تشخيصهم بالنوع الأول من السكر. وقد أدى تطوير هرمون الأنسولين واستخدامه كدواء ناجح إلى إحداث ثورة عظيمة في علاج المرضى المصابين بالسكر وتحويله من مرض يؤدي إلى الوفاة بسرعة إلى مرض مزمن. وللأسف الشديد فإن تطويل عمر مريض السكر مع بقاء المرض أدى إلى ظهور المضاعفات الثانوية المصاحبة للسكر والتي تشمل فشل الكلى, واعتلال الأعصاب وشبكية العين ,والمضاعفات الأخرى على الشرايين الصغيرة والكبيرة. وهذه المضاعفات تحدث بعد 10 - 20سنة من بدء الإصابة بمرض السكر. وكثير من المرضى المصابين بالنوع الأول من السكر يتم التحكم بمستوى السكر لديهم عن طريق الرياضة والتغذية وإعطاء حقن الأنسولين. ولكن بعض المرضى يجدون صعوبة في ضبط مستوى السكر لديهم باستخدام تلك الطرق وينتج عن ذلك مضاعفات خطيرة على المدى القصير والبعيد. وقد تكون زراعة البنكرياس البديل الناجح للمرضى المصابين بالنوع الأول المتقدم من السكر الذين لا يستجيبون بصورة جيدة للعلاج بالأنسولين والذين تظهر عليهم مضاعفات خطيرة بسبب المرض. وتهدف عملية زراعة البنكرياس إلى تحسين النوع الأول من مرض السكر وعدم الاعتماد على الأنسولين. وقد تمت زراعة أول بنكرياس في العالم عام 1966م بواسطة الدكتور ريتشارد ليليهي (Richard lillehei) من جامعة مينيسوتا في الولايات المتحدة الأمريكية, حيث تمت زراعة بنكرياس مع الكلى في نفس الوقت بنجاح. ثم تلى ذلك زراعة البنكرياس مع الكلى والإثني عشر لمريضة تبلغ من العمر 28 سنة. وبالرغم من انخفاض مستوى السكر في دمها مباشرة بعد عملية الزراعة إلا أنها توفيت بعد ثلاثة أشهر بسبب مشاكل في الرئة. وفي عام 1979م تم زراعة أول جزء من البنكرياس من الأشخاص المتطوعين الأحياء. وقد كانت تلك العمليات تعتبر في مرحلة التجارب حتى العام 1990م. وفي الوقت الحاضر فإن زراعة البنكرياس تعتبر مقبولة علاجياً. وفي الولايات المتحدة الأمريكية يوجد حالياً ما يقارب من 100 مركز طبي لزراعة البنكرياس يتم بها ما يقارب من 1400 حالة زراعة بنكرياس سنوياً. ويعتبر هذا العدد محدود جداً بسبب قلة الأعضاء التي يتم التبرع بها من قبل الأشخاص المتوفين لغرض الزراعة.
ما المقصود بزراعة البنكرياس؟ هي عبارة عن عملية زراعة بنكرياس سليم قادر على إنتاج الأنسولين في الشخص المصاب بالسكر. ويتم الحصول على كامل البنكرياس من الشخص المتوفى حديثاً أو عن طريق التبرع بجزء منه من أحد الأقارب الأحياء. ويمكن للإنسان التبرع بنصف البنكرياس وفي نفس الوقت يعيش حياة طبيعية. والأشخاص الذين تتم لهم الزراعة يكونون مصابون بالنوع الأول من السكر, وبشكل عام يكون عمرهم في حدود 55 سنة أو أقل. وان 95% من حالات زراعة البنكرياس تتم في المرضى الذين يعانون من أمراض الكلى بسبب السكر, أو المرضى الذين سبق أن تمت لهم عملية زراعة كلى في الماضي ولا زالت تعمل بنجاح (Frank et al., 2004 ). من هم المرضى المؤهلين لعملية زراعة البنكرياس؟ تتم عملية زراعة البنكرياس في مرضى السكر المعتمدين على الأنسولين والذين لا يستجيبون بصورة جيدة للعلاج بالأنسولين وفي نفس الوقت لديهم مضاعفات خطيرة بسبب عدم التحكم بمستوى السكر في الدم. وفي الغالبية من مرضى السكر فقد يكون استخدام الأنسولين مدى الحياة أفضل على الأقل في الوقت الحاضر وهذا بسبب اضطرار المرضى إلى أخذ الأدوية الكابتة للمناعة(Immunosuppressives) بعد عملية زراعة البنكرياس لمنع رفض الجسم للبنكرياس المنقول. وقد يضطر المريض إلى أخذ بعض هذه الأدوية مدى الحياة. وهذه الأدوية سامة وقد تسبب ضرراً بالغاً على جسم المريض. ولذلك فإن عملية زراعة البنكرياس قد تكون مناسبة للمرضى الذين يتناولون تلك الأدوية أصلاً لأسباب أخرى - مثلاً في الأشخاص الذين تمت لهم زراعة كلى بسبب الفشل الكلوي. ما هي أنواع زراعة البنكرياس؟ هناك ثلاثة أنواع رئيسية لعملية زراعة البنكرياس : 1. زراعة البنكرياس مع الكلى في وقت واحد في المرضى الذين يعانون من مرض السكر وفي نفس الوقت لديهم فشل في الكلى. وتؤخذ تلك الأعضاء عادة من نفس الشخص المتوفى. وهذا النوع يشكل أغلب عمليات زراعة البنكرياس حيث يعادل حوالي 75% من حالات زراعة البنكرياس. وكذلك فإن زراعة البنكرياس مع الكلى في نفس الوقت تعطي معدل أفضل لحياة كل من العضوين, وكذلك تؤدي إلى التحكم بصورة جيدة في سكر الدم ومنع فشل الكلى الناتج عن مرض السكر في المستقبل. 2. زراعة البنكرياس بعد أخذه من الشخص المتوفى بعد زراعة سابقة ناجحة لكلى أخذت من شخص آخر قد يكون متوفى أو متبرع على قيد الحياة. ولتلك العلمية نفس الهدف المرجو من زراعة البنكرياس مع الكلى في نفس الوقت , حيث يمنع ذلك فشل الكلى مستقبلاً بسبب مضاعفات مرض السكر.ويشكل هذا النوع من الزراعة حوالي 15% من عمليات زراعة البنكرياس. 3. زراعة البنكرياس فقط وذلك في المرضى المصابين بالنوع الأول من السكر الذين يعانون من هبوط حاد متكرر في سكر الدم ولكن الكلى لديهم تعمل بشكل جيد. ويمكن أن ينصح بهذه الطريقة عندما يعاني المريض من أعراض جانبية متكررة بسبب الأنسولين, أو في حالة عدم التحكم بشكل جيد في مستوى السكر في الدم على الرغم من إتباع أفضل الطرق في العلاج. ويشكل هذا النوع من العمليات حوالي 10% من حالات زراعة البنكرياس. ماذا تتوقع من البنكرياس الجديد؟ إمكانية الشفاء بعد زراعة البنكرياس تعتبر جيده جداً. وأغلب المرضى الذين تتم لهم زراعة البنكرياس يتمتعون بحياة جيدة. ومتوسط الحياة للبنكرياس المنقول في المرضى الذين يتم لهم زراعة الكلى مع البنكرياس في نفس الوقت في حدود 86% خلال السنة الأولى, و77% خلال ثلاث سنوات, و70% خلال خمس سنوات. ومتوسط الحياة للبنكرياس في المرضى الذين يتم لهم زراعة البنكرياس فقط يعادل 81% في السنة الأولى, وحوالي 65% خلال ثلاث سنوات, و 52% خلال خمس سنوات. وقد بينت الإحصاءات أن زراعة البنكرياس مع الكلى في نفس الوقت تعطي معدل أفضل للحياة لكلى العضوين بعد خمس سنوات من الزراعة. العملية الجراحية تعتبر عملية زراعة كامل البنكرياس كبيرة وتحتاج إلى عمل فتحة في البطن وتخدير المريض بشكل كامل وعادة لا يتم إزالة بنكرياس المريض والذي يستمر في عمله لإجراء بعض الوظائف الأخرى. ويستغرق زمن زراعة الكلى مع البنكرياس معاً في حدود 5-7 ساعات, وزراعة البنكرياس بعد زراعة سابقة للكلى, وكذلك زراعة البنكرياس لوحده في حدود 2-4 ساعات. ويجب أن يعمل البنكرياس الجديد في الحال. سوف يعاني المريض من تورم وألم حول الفتحة الجراحية. ومدة بقاء المريض في المستشفى بعد العملية حوالي 1-3 أسابيع حيث يعتمد ذلك على صحة المريض والبنكرياس الجديد. ما هي المضاعفات التي قد تحدث بعد عملية زراعة البنكرياس؟ من أهم المضاعفات التي قد تحدث بعد عملية الجراحة واستخدام الأدوية الكابتة للمناعة : o رفض الجسم للبنكرياس المنقول. وتعتبر عملية الرفض من أكبر المعوقات التي تواجه عمليات نقل وزراعة الأعضاء بشكل عام. ويرجع ذلك إلى أن الجهاز المناعي في جسم الإنسان مبرمج ليس فقط لتدمير البكتريا والفيروسات وإنما أيضاً الأنسجة المنقولة والتي يعتبرها أجسام غريبة. وبالتالي لابد من استخدام الأدوية الكابتة للمناعة لجعل الأعضاء المنقولة تعمل بشكل جيد. o الجلطة الدموية. o النزيف. o قرحة الفم. o الغثيان. o الصداع. o تورم القدم. o نقص كريات الدم البيضاء والتي تجعل المريض عرضة للإصابة بالعدوى. o ارتفاع ضغط الدم. o زيادة الدهون في الدم (الكوليسترول والترايجليسرايد). o استدارة الوجه. o مشاكل في المعدة. o إمكانية زيادة الوزن. o حب الشباب وشعر في الوجه. وبعض هذه الأعراض الجانبية قد تكون شديدة في البداية ولكن شدتها قد تقل فيما بعد. ماذا لو فشل البنكرياس الجديد؟ يمكن أن يفشل البنكرياس الجديد إما بسبب رفض الجسم له أو لأسباب أخرى. وعندما يحدث ذلك, فيمكن للمريض معاودة استخدام العلاج بالأنسولين والتفكير في إعادة عملية الزراعة مرة أخرى. وهذا يعتمد على صحة المريض عند وقت إجراء العلمية, وقدرة المريض على تحمل العملية الجراحية. الانتظار للمتبرعين بالأعضاء وجد في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها أن ما يقارب من 2500 شخص في أي يوم من أيام السنة في انتظار زراعة للبنكرياس مع الكلى, وأن هناك ما يقارب من 1700 شخص في انتظار زراعة للبنكرياس فقط. ومع ذلك لا يتوفر من المتبرعين سوى 900 شخص سنوياً لزراعة البنكرياس مع الكلى, وحوالي 500-600 شخص سنوياً لزراعة البنكرياس لوحده. ونظراً لصعوبة الحصول على كامل الأعضاء من الأشخاص المتوفين بسبب عدم رغبة البعض بالتبرع بأعضائهم بعد الوفاة, وللتقليل من فترة الانتظار لمرضى السكر وما قد ينتج عنه من مضاعفات خطيرة قد تؤدي بحياته, فإن هناك تجارب تجرى حالياً لزراعة جزء من البنكرياس بدلاً من كامل العضو يتم أخذه من الأشخاص الأحياء. وقد أجريت حوالي 50 عملية فقط بهذه الطريقة. ومعظم تلك العمليات تمت على مرضى أجريت لهم زراعة الكلى مع البنكرياس في نفس الوقت, حيث أعطي هؤلاء المرضى كلية واحدة وجزء من البنكرياس من الشخص المتطوع الحي. كذلك يتم في الوقت الحاضر إجراء تجارب على زراعة خلايا بيتا عن طريق استخلاص تلك الخلايا من بنكرياس شخص متطوع وحقنها في مريض السكر. |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|