|
مواضيع حول القدم السكرية |
القدم السكري |
الكاتب : الدكتور عبد الله الوهبي |
القراء :
70474 |
القدم السكري الدكتور عبد الله الوهبي استشاري جراحة الأوعية الدموية بمستشفي الملك فهد للحرس الوطني
حقيقة مرض القدم السكري تكثر الإشاعات عن مرض القدم السكري، وأنه لابد فيه من التدخل الجراحي والبتر، لذلك توجهت المجلة بالاستفسار عن هذا الموضوع الهام للدكتور- عبدالله الوهبي، استشاري جراحة الأوعية الدموية بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني، وأستاذ إكلينيكي مساعد في كلية الطب جامعة الملك سعود، عن القدم السكري والمضاعفات التي من الممكن أن تحدث لها، وجاءت إجاباته عن أسئلة المجلة على النحو التالي:
لماذا يحدث القدم السكري؟ يحدث القدم السكري لعدة أسباب، أهمها: وجود ضعف في أعصاب الأطراف؛ وهنا ثلاثة أنواع للأعصاب في الجسم، وهي: الحسية، والحركية، والاستقلالية؛ وجميعها تتأثر بالسكري. وتمكننا الأعصاب الحسية من الشعور بالألم عند الإصابة بجروح أو التهابات أو حروق، أو الشعور باللمس أو الضغط.
ما دور هذه الأعصاب في الإصابة بالقدم السكري؟ *عندما تتأثر هذه الأعصاب بالسكري، ويتعرض المصاب بالسكري لجرح - ولو كان طفيفًا - فإن هذا الجرح سيؤدي إلى التهاب لا يشعر المريض به، ويؤدي إهماله إلى حصول مضاعفات كبيرة؛ لذا فإن فقدان الإحساس باللمس أو الضغط قد يؤدي إلى تقرحات بسبب حذاء ضيق، ومن ثم حدوث مضاعفات.
ما هو دور الأعصاب الحركية في انتشار المرض في القدم؟ *يؤدي ضعف العضلات الحركية في القدم إلى ضمور العضلات، ومن ثم تغيُّر شكل القدم، وهذا التغيُّر يقود إلى انتقال مناطق الضغط - بسبب الوزن - من مناطق مهيئة للتحمُّل إلى مناطق جديدة، ويتسبب في حدوث تقرحات.
جفاف الجلد والتروية هل لجفاف الجلد أثر كبير في زيادة مضاعفات القدم السكري؟ *نعم، فالأعصاب الاستقلالية تتحكم في درجة التعرق بالجلد، وعند تأثرها تصبح القدم جافة، وهذا بدوره يؤدي إلى تشققات في الجلد تؤدي إلى التهابات.
سمعنا كثيرًا عن التروية، فما هي، وما علاقتها بالقدم السكري؟ *داء السكري يتسبب في ضعف التروية الدموية للأطراف السفلية بسبب تصلب وضيق، أو انغلاق في الأوعية الدموية. والتروية الدموية لابد من وصولها لجميع أجزاء الجسم، فعندما يكون هناك جرح أو التهاب - حتى لو كان بسيطًا - فإن الجسم لا يستطيع مقاومته بالشكل الطبيعي، ولا يتم التئام الجرح سريعًا، لأن من ينقل المواد المهمة للمقاومة والالتئام هو الدم، وهو في هذه الحالة ضعيف.
ما هو تصلب الشرايين بالنسبة لمن أصيب بالقدم السكري، ومتى يحدث، وما هي مضاعفاته؟ *تصلب الشرايين يحدث في المصابين بالسكري مبكراً، ويتطور بشكل أسرع، فعندما يكون المصاب بالسكري مصابًا بارتفاع في ضغط الدم، ومدخناً، وعنده ارتفاع في مستوى الدهون بالدم؛ كل هذا يؤدي إلى حصول تصلب الشرايين بشكل أسرع وأوسع.
أعراض أخرى مصاحبة لمرض القدم السكري هناك أعراض أخرى لمرض قدم السكري، نذكر منها: 1- ارتفاع نسبة السكر في الدم تجعل المصاب بداء السكري معرض للالتهابات أكثر من الشخص السليم. 2- مقاومة المصاب بداء السكري للالتهابات ضعيفة. 3- غياب الوعي.
ما هي أعراض بداية حدوث القدم السكري؟ *إن أي مصاب بداء السكري معرض في أي وقت للإصابة بمرض القدم السكري، خصوصًا مع مرور السنين.
كيفية تجنّب القدم السكري إن أهم خطوة لتجنَّب القدم السكري، هي وجود الوعي بأن هذه المشكلة قد تحدث، وبأخذ الخطوات اللازمة لمنعها؛ وتعُّد عملية فحص القدمين بشكل دائم من أهم الخطوات في هذا السبيل، حيث إن فقدان الإحساس بكل أنواعه في القدم، هي أهم العوامل لذلك، وكذلك لابد من اختيار الحذاء المناسب، والذهاب إلى المختص عند حدوث أي جرح أو احمرار، ولو كان طفيفًا. القدم السكري في العالم العربي
هل القدم السكري تختلف في العالم العربي؟ *نعم، هناك اختلاف كبير بين نسبة حدوث القدم السكري في العالم العربي والغرب، وذلك لعدة أسباب، أهمها: 1- المناخ والحذاء حيث نجد أن المناخ في العالم العربي يكون حارًا وجافًا على مدار السنة في معظم المناطق، لذلك فإن (الصندل) هو الحذاء الرسمي باختلاف أنواعه ولجميع الطبقات، ولكن المشكلة في (الصندل) أنه لا يحمي من الإصابات أو من الحرارة أو الجفاف. وكما ذكرنا سابقًا، فإن السكري يسبب جفاف وتشققات في الجلد، مما يجعل القدمين معرضتين للالتهابات. وأيضًا قد يكون (الصندل) مكونًا من فاصل بين الإصبع الأول والثاني للقدم، وهذا الفاصل يتسبب في احتكاك ومن ثم تقرحات عندما يكون الجلد معرضًا لذلك، والمصاب بالسكري لا يشعر بهذا الاحتكاك والالتهابات إلا في مرحلة متأخرة. 2- العادات المشي حافي القدمين عادة منتشرة في كثير من أرجاء العالم العربي، وقد تكون هذه العادة قليلة، ولكنها مازالت موجودة، ويجب حماية القدمين عندما يكون المصاب في البيت أو ساحة المنزل. 3- قص الأظافر قد يكون من أكثر الأسباب إصابة للقدم السكري، إذ كثيرًا ما نرى التهابات متقدمة أدت إلى البتر كانت بدايتها إصابة بسبب قص الأظافر بطريقة خاطئة. إن المصاب بالسكري يصاب مع الوقت بضعف النظر، وهذا - مع الطريقة الخاطئة لقص الأظافر - يؤدي إلى جرح في أصابع القدم عند الأظافر، ثم حدوث التهابات. 4- التعليم تنتشر نسبة الأمية في العالم العربي أكثر منها في الغرب، وهذا يؤدي إلى عدم الوعي بكيفية العناية بالقدمين وتجنب القدم السكري. 5- الإعلام على الرغم من زيادة نسبة البرامج الطبية التوعوية في وسائل الإعلام المختلفة في عالمنا العربي، إلا أنها مازالت أقل كثيراً عما هي عليه في الغرب. 6- الطب الشعبي من أهم المشاكل التي تواجهنا مشكلة (الكي)، حيث يوجد في الطب النبوي أنه جعل الكي آخر العلاج، ولكن مع الأسف فإن بعض المرضى في مجتمعنا يجعلون من الكي أول وسيلة للعلاج، ولكل الأمراض؛ ويؤدي ذلك إلى تفاقم حالة القدم السكري، فكثيرًا ما نرى التهابات متقدمة زادت سوءاً بعد الكي. 7- الحجامة تُعدُّ الحجامة من الطب النبوي، ولها استطباباتها الخاصة، ولكن طريقة الحجامة المنتشرة في الوقت الحاضر لا تخلو من العيوب، وخصوصًا فيما يتعلق بطرق التعقيم، مما يتسبب بعض الأحيان في انتقال الأمراض المعدية. 8- الأدوية الشعبية تلجأ نسبة كبيرة من المصابين بالسكري - عندما يصابون بالتهاب القدم- إلى العطارين أو الأطباء الشعبيين، ويبدؤون باستخدام هذه الأدوية - التي يكون معظمها غير معقم وغير معروف المكونات - وفي أغلب الأحيان تتسبب هذه الأدوية في زيادة الالتهابات وتأخير طلب العلاج من الأطباء المختصين. 9- الخوف من الجراحة من الأسباب الرئيسة لعدم طلب العلاج من الأطباء المختصين، هو خوف المريض من الجراحة أو البتر. 10- المجتمع والإشاعات ويعدّ هذا السبب من أهم الأسباب لانتشار القدم السكري ومضاعفاته في مجتمعنا، فعندما يصاب المريض بالقدم السكري، وعندما يحدث الجرح، يذهب إلى الصيدلية لشراء مطهر أو مضاد، أو قد يستعمل بعض العلاج التقليدي؛ وفجأة - وخلال عدة أيام - يجد أن الجرح قد كبر وانتشر وبدا شكل القدم غير مريح، عندها فقط يذهب المريض إلى المستشفى، ولكن بعد فوات الأوان، فمعظم حالات القدم السكري التي تستقبلها المستشفيات تكون في حالة متقدمة، بحيث تكون مصدر خطر على الحياة بسبب الالتهابات والغرغرينا، التي قد تؤدي إلى الموت إذا انتشرت في الجسم، ولهذا يضطر الطبيب في بعض الحالات إلى بتر القدم. وربما يكون الالتهاب شديدًا، بحيث يجب على المريض أن يمكث في المستشفي مدة طويلة في انتظار التحكم في الالتهاب ثم التحام الجرح، وقد يتخلل ذلك بتر بعض الأصابع أو جزء من القدم. هل تنتهي المشاكل عند هذا الحد، أم أن المريض يحتاج إلى المزيد من الرعاية والملاحظة؟ *عندما يكون هناك بتر للقدم أو الساق، فلن ينتهي الأمر عند ذلك، ولكن سيحتاج المريض إلى وقت طويل ومجهود كبير لإعادة تأهيله نفسيًا واجتماعيًا وجسميًا، كي يعود إلى مزاولة حياته الاعتيادية وقضاء حاجاته بنفسه، وهذا النوع من التأهيل يحتاج إلى جهد كبير من جميع التخصصات التي تعالج المريض.
ما مدى تأثير مرض القدم السكري على المجتمع؟ *تأثير مرض القدم السكري على المريض نفسه كبير جدًا، فكيف بتأثيره على القطاع الصحي، حيث تبلغ تكلفة علاج المريض في الولايات المتحدة ما يقارب 25000 دولار، عدا تكلفة التأهيل؛ والحقيقة أنه لا توجد لدينا إحصاءات عن التكلفة في المملكة، ولكنها ستكون قريبة من ذلك أو أكثر.
برامج لحل المشكلة ما هو الحل الأمثل لمشكلة القدم السكري؟ *إن ما يحدث الآن لمرض القدم السكري هو فعلاً كارثة، ولكن بالإمكان منعها بإذن اللّه تعالي، فهناك برامج تهتم بهذا المرض، مثل: برنامج القدم السكري هو برنامج وضعته منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لمرضى السكري، يهدف إلى تقليل معدل بتر أطراف مرضى القدم السكري إلى نصف معدلها الحالي على الأقل. ولقد قامت دول أوروبية بتطبيق هذا البرنامج وأثبت فعاليته، فعلى سبيل المثال: نزل معدل البتر في دولة السويد وبريطانيا إلى النصف، مع انخفاض التكلفة الصحية على القطاع الصحي بمعدل 20 - 40%.
ما هو هذا البرنامج وما هي أهدافه؟ *هو عبارة عن اتحاد مجهودات منظمة من قبل فريق الأطباء والمختصين الصحيين، تهدف إلى عناية أفضل بالقدم السكري، باستعمال طرق أكثر كفاءة وأقل تكلفة، تبدأ بالوقاية من المرض، والعلاج الفوري الفعال، مع المتابعة المستمرة بعد انتهاء المرض. وأهدافه هي: 1- تثقيف مرضى السكري ومن يعتني بهم. 2- وضع برنامج علاجي لجميع مرضى السكري، مع تنظيم جدول فحص دوري للأقدام، بحيث يتم التعرف على الأقدام المعرضة للمضاعفات وتحويلها مبكرًا للمختصين. 3- التدخل السريع والفعال لحل أي مشكلة في بدايتها، ولو كانت بسيطة. 4- يكون البرنامج متكاملاً، بحيث إنه لا يكتفي بعلاج الحالات الحادة، ولكن تتم المتابعة المستمرة للمريض - حتى بعد الشفاء - لتفادي حصول المشكلة مرة أخرى. 5- الاهتمام والتأهيل النفسي والاجتماعي للمرضى الذين يحصل لهم البتر.
هل لهذا البرنامج مستويات يتم تطبيقها للاستفادة منه؟ *نعم لهذا البرنامج مستويات، فمثلاً يكون لدينا : -- المستوى الأول، ويتم تطبيقه على الأفراد والجهات التي هي في الخط الأول المواجه للحالات، وتشمل: أطباء المراكز الصحية والمستوصفات، وأطباء الإسعاف وغيرهم؛ حيث تتم إقامة دورات تدريبية لهم لتعريفهم بتفاصيل كيفية التعرف على الأقدام المعرضة للإصابة بالقدم السكري، ومنع حدوث المضاعفات لها، وكيفية علاج الحالات البسيطة منها، وتحويل الحالات المتقدمة إلى المستوى الثاني. ويتم التثقيف لمرضى السكري عن القدم السكري، وعن كيفية الاعتناء بالقدم لمنع حدوث المضاعفات، وذلك بإقامة دورات قصيرة مركزة، وإقامة محاضرات تثقيفية ، وإصدار نشرات تعليمية وإرشادية مكتوبة أو مرئية. -- أما المستوى الثاني فيتم عبر عيادة القدم السكري، وهي عيادة متخصصة، تدار بأخصائي القدم مع جهاز تمريض متخصص، وتحت إشراف أطباء استشاريين باختصاصات الغدد وجراحة الأوعية الدموية وجراحة التجميل وأمراض العدوى والالتهابات... الخ. وتحتوى هذه العيادة على أحداث الأجهزة والمستحضرات الطبية في مجال القدم السكري، سواء التشخيصية أو العلاجية. وتستقبل العيادة مرضى القدم السكري الذين يتم تحويلهم من المستوى الأول أو المرضى بالقدم السكري؛ ويتم علاج الحالات حسب أنواعها ودرجتها، بالإضافة إلى استمرار التثقيف الصحي للمريض. وعندما يستدعي العلاج التنويم في المستشفى، يأتي دور الفريق الطبي المعالج للقدم السكري، وهو يتكون من جميع الاستشاريين المشرفين على العيادة، بالإضافة إلى أخصائي القدم وجهاز التمريض المتخصص؛ ومهمة الفريق هي علاج الحالات التي تستدعي التنويم، وهي غالبًا ما تكون متقدمة، ويتم العلاج بطريقة فورية وفعالة على أحدث الأسس الطبية، وباستعمال موارد المستشفي من أشعة ومختبرات وغيرها. ويهدف هذا الفريق إلى التقليل من المضاعفات والحصول على أفضل النتائج في أقصر الأوقات، ثم متابعة الطرق والتوجيهات العلاجية والتعليمية لتحديثها بشكل دوري حسب التطورات الطبية. -- المستوى الثالث - وهو عن مركز القدم السكري - حيث يكون متطورًا ومستقلاً، ويعتني فقط بحالات القدم السكري، ويدار بفريق متخصص؛ وهذه المراكز يوجد منها أعداد بسيطة على مستوى العالم.
هل يوجد برنامج للقدم السكري في الشؤون الصحية؟ *نعم، وهذا البرنامج تكوَّن منذ ثلاث سنوات تقريبًا، ومن ضمن نشاطاته: إقامة دورات تدريبية عن القدم السكري، حضرها أكثر من 80 مشاركاً من مختلف مناطق المملكة من المختصين في المجال الصحي، ولهم في علاج وتثقيف المصابين بالسكري دور كبير. كما أنه يوجد أيضًا عيادة مختصة بإشراف فريق متكامل لعلاج القدم السكري، والمملكة بما وصلت إليه من تقدم في المجال الصحي يضاهي دول العالم المتقدمة سبّاقة في تطبيق هذه البرامج بشكل أوسع، مما يعود بالنفع على المرضى والقطاع الصحي بإذن الله تعالى مجلة كلية الملك خالد العسكرية 1 يناير 2007 |
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|